صناعة الزعيم- هل يضر مشروع كرة القدم السعودي؟

المؤلف: خالد سيف11.08.2025
صناعة الزعيم- هل يضر مشروع كرة القدم السعودي؟

الخوض في سيرة "الزعيم" ومسيرته الزاخرة، منذ النشأة وحتى تبوّئه مكانة الصدارة، يتطلب استقصاءً معمقًا، وتحليلًا دقيقًا للمفاصل الهامة، والأحداث المفصلية، والشخصيات المؤثرة التي تضافرت جهودها في تشكيل هذا النموذج الفريد. حتى تجذرت مقولة "لنأخذه ونسانده وندعمه بكل ما أوتينا من قوة" في أذهان الكثيرين، في مسعىً جاد لدمج هذا الفريق ضمن المشروع الوطني الجامع لكرة القدم، الأمر الذي قد يقلل من شأن قدرات وإنجازات الفرق الأخرى المنافسة.

فمنذ تسعينيات القرن الماضي وحتى مطلع الألفية الجديدة، كان هناك فريق آخر يزرع بذور الأمل في قلوب محبي كرة القدم، ويحصد أحلامهم، حتى بات ذلك الفريق "الغول" الذي يظهر في كوابيسهم، بالرغم من المحاولات المحمومة لإزاحة هذا الكابوس بشتى السبل، خاصة وأن هذا الشبح التاريخي يقف خلفه جمهور عريض، يهز المدرجات بقوة تشجيعهم.

هنا نكتفي بالحديث عن "الزعيم"، وسطوته وجولاته الممتعة، بين جنبات الملاعب وأروقة المكاتب، ونسلط الضوء على الدوري السعودي المثير، الذي يخوض تجربة فريدة من نوعها، ويستقطب كوكبة من ألمع نجوم كرة القدم العالميين، بهدف الارتقاء إلى مصاف الدوريات العالمية المرموقة. ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات ملحة تدور في الأذهان، هل يحظى جميع المشاركين في المسابقة بنفس القدر من الدعم؟ خاصة وأن الدوري لا يزال تحت رعاية الحكومة الرشيدة، حتى لا تسفر النتائج النهائية عن فوارق كبيرة في الأداء، والنتائج، والترتيب العام، ونرى فرقًا تحلق في سماء الإبداع، وأخرى تُجر إلى القاع، بينما تكافح فرق أخرى للبقاء في دائرة المنافسة.

كل ما نرجوه هو ألا ينحرف مسار مشروعنا الطموح عن مساره الصحيح، بسبب تدخلات أصحاب النظرة القاصرة، ونتطلع إلى أن يكون هذا المشروع واقعيًا ومستدامًا، كما خططت له القيادة الحكيمة.

كما نؤكد على ضرورة عدم إهمال المواهب المحلية الواعدة، والتركيز فقط على اللاعبين المحترفين الأجانب، على حساب تطوير ورعاية نجومنا الصاعدين.

صحيح أن النجوم العالميين يضفون بريقًا على قوة الدوري، ويعززون من قيمته السوقية والإعلامية، ولكن ماذا سيحدث لمستقبل كرة القدم السعودية؟ وكيف سنطور قاعدة صلبة من اللاعبين المحليين؟ خاصة وأن أمامنا استحقاقات قادمة، ولا نريد أن نكرر الإخفاقات السابقة.

مشروعنا لا يزال في بداياته، ونحن بحاجة ماسة إلى التنظيم المحكم والخبرات المتراكمة، وليس فقط إلى المال والارتجال. لقد كانت البداية مبشرة بالخير، وتمكنا من جذب أنظار العالم إلى ملاعبنا، لمتابعة الأندية السعودية ونجومها المتألقين، والترويج لدورينا على قمصانهم.

ندرك تمامًا أن المال يجلب المال، وبلغة الاستثمار، نتطلع إلى التحول نحو التخصيص، ولدينا بالفعل أندية رياضية عريقة تمتلك تاريخًا حافلًا بالإنجازات وقاعدة جماهيرية واسعة، مما يتيح لها تحقيق عوائد ومداخيل مجزية، تمكنها من تحمل مسؤولياتها بكل اقتدار.

لا يبدو الأمر صعبًا أو مستحيلًا، إلا إذا كان اهتمامنا مقتصرًا على صناعة "زعيم" واحد، على حساب فرق أخرى عريقة، صنعت من معادن نفيسة لا تصدأ، ومقاومة للانكسار.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة